ملف استخبارات بريطانيا عام 1952
السيد حجاج
كتاب لندن الجديد يشرح علاقة عبد الناصر ببريطانيا وأمريكا فبل 1952 وفشل استخبارات بريطانيا عام 1952 في معرفة ما يجري في مصر
كتابا صدر في لندن قدم في إطار سرده لقصة التنافس الأميركي البريطاني على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، قصة علاقة الجاسوس الأميركي الشهير كيم روزفلت مع الضباط الأحرار وكيف التقى بمجموعة منهم في قبرص.
كان ذلك قبل أشهر من الإطاحة بالملك فاروق الذي لطالما كان يردد قبل رحلته الأخيرة من الإسكندرية إلى إيطاليا بعد الإنقلاب عليه أن ملوك العالم لن يبقى منهم سوى ملوك ورق الكوتشينة الأربعة وملك بريطانيا.
الكتاب الذي ألفه المؤرخ البريطاني الشاب جيمس بار بعنوان ” Lords of the Deserts” (سادة الصحراء) يرسم خريطة معقدة للمنطقة العربية وإيران خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات وصولا إلى أوائل الستينيات.
ويسلط بار الضوء من خلال الوثائق البريطانية والأميركية التي بحث فيها خلال تأليفه الكتاب، على صراع النفط بين أرامكو السعودية-الأميركية وشركة النفط البريطانية الإيرانية، وكيف ورّطت لندن حليفتها وخصمها في آن، واشنطن، في عملية “أجاكس” الشهيرة التي أطاحت برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق وثبتت حكم شاه إيران آنذاك، محمد رضا بهلوي، عام ١٩٥٣.
ويحضر عبد الناصر بقوة في صفحات الكتاب، فقد ظهر أولاً كحليف لواشنطن وخصماً للندن، ثم عدواً لكليهما. ويتضمن الكتاب شرحاً مع سرد لقصص من تلك المرحلة عن لعبة المساومة التي احترفها الزعيم المصري الراحل بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وكيف عوضته الأخيرة عن صفقة سلاح بتقديم هدية، هي إذاعة “صوت العرب” التي استخدمت لبث الدعاية السياسية لنظامه إلى المنطقة بأسرها مترافقة مع أغنيات أم كلثوم.
من القصص التي يرويها الكتاب كيف التقى الجاسوس روزفلت وضابط وكالة الإستخبارات الأميركية الآخر مايلز كوبلاند بعبد الناصر في بيته من أجل تخفيف حدة التوتر مع إسرائيل، وبينما هما في طور الحديث مع مضيفهما، جاء خبر زيارة السفير البريطاني في القاهرة للزعيم، وهنا إضطر الرجلان للصعود إلى الطابق العلوي ومازح كوبلاند شريكه روزفلت بالقول: “سيكون من الممتع أن نرى ردة فعل السفير البريطاني ونحن نقاطع جمال عبد الناصر لنقول له أن المرطبات في الأعلى قد نفدت”.
ومن بين ما يذكره بار في كتابه أن اللمسات الأخيرة للانقلاب الأميركي البريطاني على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وضعت في فندق سان جورج على الساحل الغربي للعاصمة اللبنانية بيروت، كذلك هوية من شاركوا في الانقلاب وكيف جرى التدبير له وما سبقه من مفاوضات حول الاتفاقية الإيرانية البريطانية حول حصص النفط، وقول أحد رؤساء شركة النفط الإيرانية البريطانية لدى سؤاله عما يمكن التنازل عنه للإيرانيين: “إذا ما أعطيتم الإيرانيين شبرا فهم سيأخذون ميلا”.
ملف استخبارات بريطانيا عام 1952