” منديل الجدة “
هو منديل – تضعه داخل حقيبتها – لا يمكن أن تخرجه – ومع تبديل حقيبتها – تحرص كل الحرص عليه – ينظر إليها البعض على أنها غريبة – أحيانًا تزداد ضحكاتهم لأهميته عندها – منديل جدتها – تحبه كثيرًا وتتشاءم إذا أخرجته من الحقيبة – طالما تتساءل هل هي تعتقد الخرافات والشعوذة وهكذا يقولون – أمسكت المنديل بين يديها – وضعته داخل خزانتها – تنهال عليها الأسئلة داخل عقلها. وماذا بعد؟ هل ستحمل حقيبتها وتخرج دونه؟ إنه يخص جدتها الحبيبة – كانت تضعه داخل جيبها – تمسح به الندى من فوق جبينها وهي تعمل لها فستانها الصغير ومرة أخرى عروستها – صنعتها لها من القماش والقطن – رأتها ذات مرة ترسم على أطرافه وتخيطه بالكروشيه – كانت تحبه كثيرًا – هي أيضًا تحبه.
هو أول شئ أخذته من جيب جدتها عندما فارقت الحياة – لم تكن تصدق أنها لن تتحدث مرة أخرى ولن تصنع لها فستانها.
أدخلت يدها داخل جلبابها وأخذت المنديل وصدقت أنها فارقت الحياة.
رجعت سريعًا إلى الخزانة – أخرجت المنديل ووضعته داخل حقيبتها في ذلك الركن المخصص لها – تنفست بعمق – أحست براحة من دخول الهواء لرئتيها – ابتسمت ابتسامة واسعة أمام المرآة – تحدثت لصورتها لن أخرجه من حقيبتي أبدًا – رأت خيال جدتها يبتسم لها تلك الابتسامة الحانية – لحظت الارتياح لا تساويها كنوز العالم – وكلمات الآخرين لن تبعدها عن ما ألفته وأحبته – إنه منديل جدتها – به قطرات الندى التي تساقطت على جبينها وهي تصنع لها فستانها وعروستها من القماش والقطن.