بداية لابد من تقرير بعض الحقائق والمفاهيم المختلفة حول النقد الأدبي الذى يعتبرأحد فروع المعرفة ، فهويهتم بتحليل وتفسير وتقييم الأعمال الأدبية، بهدف فهم النصوص بشكل أعمق وإصدار أحكام حول قيمتها ومكانتها ، لذا فهو يدرس جوانب النص المختلفة ” شكلية أو موضوعية ” مع الكشف عن مواطن الجمال والضعف فيه
أما الناقد فهو الشخص القادرعلى التمييز والحكم بين الجيد من الرديء، وهو الخبير بحيث يمكنه تقييم أي عمل في مجاله.
ولو انتقلنا بالحديث عن المدارس النقدية في الأدب والنقد، فهى متعددة ومتنوعة ولكل منها منهجها وأدواتها الخاصة في تحليل النصوص وتقييمها. من بين أهم المدارس النقدية:
” المدرسة البنيوية، والمدرسة التفكيكية، والمدرسة السيميائية، والمدرسة الماركسية، ومدرسة فرانكفورت، والمدرسة التاريخية، والمدرسة الاجتماعية ”
أما المنافس الحالى فهو بلا جدال ” الذكاء الاصطناعي
هو فرع من فروع علم الحاسوب يهدف إلى تصميم أنظمة وأنظمة فرعية قادرة على محاكاة القدرات الذهنية البشرية. يركز على جعل الآلات قادرة على التعلم، والاستدلال، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات، والتفاعل مع العالم بطرق تشبه البشر
وفي ظل الثورة الرقمية التي تجتاح عالمنا، أصبح من الطبيعي أن نتساءل:
– هل سيتجاوز الذكاء الاصطناعي قدرات الإنسان حتى في المجالات التي طالما اعتُبرت حكرًا على الحس الإنساني والذوق الرفيع، كالنقد الأدبي؟
* لم تعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها النماذج اللغوية مثل ChatGPT، تكتفي بتوليد النصوص أو المساعدة في الكتابة فحسب، بل باتت تُستخدم اليوم في تحليل القصائد، وتفسير الصور البلاغية، بل وإبداء الرأي في مدى تماسك النصوص الأدبية، واستخلاص الأفكار العميقة منها. لكن، – هل هذا حقًا نقد أدبي…؟
والتحليل المقارن بطريقة سريعة وواسعة النطاق هل يمكن اعتبراها نقدا أدبيا وماذا ينقصه؟
ما يفتقده الذكاء الاصطناعي – حتى الآن – هو الحدس الجمالي الإنساني. ذلك الشعور الغامض الذي ينتاب الناقد حين يلتقي نصًا صادقًا، أو عندما يقرأ ما بين السطور، أو يستنطق الصمت في قصيدة.
فالآلة قد “تُفكك” النص، لكنها لا “تتفاعل” معه بالشكل العاطفي أو الثقافي الكامل.
الذكاء الاصطناعي لا يحمل ذاكرة وجدانية، ولا مرجعية ثقافية عميقة كإنسانٍ تشكّل وجدانه من قراءات وتجارب حياتية متشابكة.
تكنولوجيا لا تُقصي الإنسان الذكاء الاصطناعي لا يُقصي الناقد، لكنه يفرض عليه إعادة تعريف دوره. قد يتحول الناقد من “قارئ وحيد” إلى “مُنسّق للقراءات”، من “صوت فردي” إلى “موجه للآلة”، يزودها بالمعايير، ويصحّح انزلاقاتها. فكما لم تُلغِ الآلة الموسيقية عازفها، لن يُلغي الذكاء الاصطناعي الناقد الحقيقي، بل قد يعينه على رؤيةٍ أوسع، وأكثر تنوعًا.
أما مستقبل النقد بين الإنسان والآلة ربما سنشهد قريبًا تعاونًا بين ناقد أدبي وروبوت لغوي:
الأول يمنح النص روحه، والثاني يُفكّك تركيبه. الأول يعشق النص، والثاني يدرسه
ختاما وعبر هذا المقال لن يكون السؤال: من ينتصر؟
بل: كيف يُكمّل أحدهما الآخر دون أن يفقد الأدب نكهته الإنسانية؟
وعليه :
فلا يزال النقد الأدبي، في جوهره، فعلًا إنسانيًا مشبعًا بالذوق والتأمل والدهشة
. أما الذكاء الاصطناعي، فهو مجرد أداة ذكية، لكنها بلا قلب