بقلم هشام صلاح
” غلاء الأسعار ” وضيق العيش قضاياتهم جموع الشعب ولها تاثيراتها السلبية سواء المعنوية أو المعيشية من خلال المعاناة اليومية من أجل لقمة العيش فهى تجعل الكثيرين يعيشون يومهم بين مذلة وكرب ” مذلة بالنهار وهم وكرب بالليل ” لعدم قدرة الكثيرون على الايفاء بتلبية متطلبات أسرته بعد أن ألتهم الغلاء دخول المواطنين
والسؤال /
كيف لبلد منتج لسلع ضرورية هى من أهم ما ينتجه وعندها فائض إنتاج منها يعانى أبناؤه ارتفاع أسعارها وليس الأرزوالسكر والبصل منا ببعيد، ولن اطرق للسلع الضرورية الأخرى ممن نعدها من السلع المستوردة لآننا نعرف الردود جميعها وحفظناها من مشكلة الحرب الأوكرانية إلى جانب مشكلة غزة وجنوب البحر الأحمر إلى جانب مشكلة عدم توافر العملة الصعبة إلى غير ذلك ولننحى الجانب الاقتصادى ولنتحول إلى نبض الشعر وحديثه عن هذى القضية
فلنقرأ معا كيف تناول الشعراء تلك القضية التى باتت تؤرق الجميع وتشغلهم
* الأسلوب الساخر فى تناول القضية /
فما أبدع جوهرة الشعر الجواهرى فتناوله فنجد شاعرنا قد اتخذ السخرية أسلوبًا لقصيدته فقدم أفكاره بهذا الأسلوب الساخر فقال :
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي حَرَسَتْكِ آلِهة ُالطَّعامِ
نامي فإنْ لم تشبَعِي مِنْ يَقْظةٍ فمِنَ المنامِ
نامي على زُبَدِ الوعود يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ
نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلام في جُنْحِ الظلامِ
تَتَنَوَّري قُرْصَ الرغيفِ كَدَوْرةِ البدرِ التمامِ
وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِساحَ مُبَلَّطَاتٍ بالرُّخَامِ
فما أروع استخدم الشاعرلما يمكن تسميته بالمشاكلة اللفظية والمعنوية، فهو مثلاً ينوّع الشبع، فيجعله شبعًا من النوم، لا من الطعام، ومن الوعود لا من الوفاء بها .. والنوم على المباهج، وما في ذلك من طلب الإخلاد للدعة، والسكينة، ولكنها مباهج الوعود الجوفاء
وبعد تناول تجربة الجواهرى ننتقل بكم إلى ابن النيل وهو يتناول هذه القضية وهو خير حافظ للشعر فقال :
أَيُّها المُصلِحونَ ضاقَ بِنا العَيـ ـشُ وَلَم تُحسِنوا عَلَيهِ القِياما
عَزَّتِ السِلعَةُ الذَليلَةُ حَتّى باتَ مَسحُ الحِذاءِ خَطباً جُساما
وَغَدا القوتُ في يَدِ الناسِ كَالياقوتِ حَتّى نَوى الفَقيرُ الصِياما
وَيَخالُ الرَغيفَ في البُعدِ بَدراً وَيَظُنُّ اللُحومَ صَيداً حَراما
إلى أن يصل بنا لقمة المعاناة بقوله :
أَيُّها النيلُ كَيفَ نُمسي عِطاشاً في بِلادٍ رَوَّيتَ فيها الأَناما
ثم يعيد نداءه للمصلحين وأولى الأمر فيقوله :
أَيُّها المُصلِحونَ رِفقاً بِقَومٍ قَيَّدَ العَجزُ شَيخَهُم وَالغُلاما
وَأَغيثوا مِنَ الغَلاءِ نُفوساً قَد تَمَنَّت مَعَ الغَلاءِ الحِماما
ثم جاء الختام والحل كما رأه بقوله :
فَأَعيدوا لَنا المُكوسَ فَإِنّا قَد رَأَينا المُكوسَ أَرخى زِماما
* أما ثالثهم فقد صاغ تجربته الشاعرة من خلال حال الموظف وضيق الرزق الذى يعانى مرارته فقال :
قفـا نبك من ذكرى الغلاء المشعلل فلست أراه عـن قريب سينجلي
بدكان (درويش ) أرى كل حاجتي ولكــن بأسعـار تفــوق تخيلـي
أمــر عليه كل يـــوم وليلــة ولمـــا يراني قادمــا كـم ( يبص لي )
يقول : تعال الآن يا عم كي ترى زبيبا وجوز الهند بيضاء ( فلّلي)
وعندي من اللــوز اللذيـذ زكائب وتين لذيذ مــن دمشــق وموصــل
وعنـــدي ( تحابيش ) وعنــديَ بندق تعالى إلـــى الدكان هيا لتدخـل
ومــا زال يغريني بكل طريقة فقلــت له : رحمــاك ياابــن القـرندلي
فإنــي بــلا مــال لأنــي مــوظف ألســت تراني بالحــذاء المبهــدل
وإني وإن كانت هــدومي تهلهلت فما كان شعري بالقديــم المهلهـل
وإني وإن كنت الفقير بمالــه فشعــري كمــا الخنساء أو كالمُهَلهَـل
فلــم يفهــم الأمّيُّ قـولي وفاتني لأنــدب حظي في طريقى ومنزلى
وأيقن أني لست منه سأستشري فأعــرض عنـي وانسحبت لمنــزلي
وعــدت له يــوما ولكــن ( لفُرْجة ) فأقبــل مثل الثور يسعى لمقتلي
وأشبعني شتماً ونادى صبيَّه وقـــال له : ( هــات المقشــةَ يا علي )
فأطلقت ساقي للــرياح مسابقـا لأنجـو من ضرب الرءوس وأرجل
وكنت إذا مااشتقت يوما لكي أرى صنوفا من الياميش تغري بمأكل
أبص من الشباك سرا وفي الخفا وانظر للياميش كالنسر من عـلِِ
ولنعد نفس السؤال السابق /
كيف لبلد منتج لسلع هى من أشهر ما ينتجه وعندها فائض إنتاج يعانى أبناؤه ارتفاع أسعارها !؟
وبعد لنطلق العنان لأنفسنا لتجد لها متنفسا فى الفكاهة والتخفيف من حدة الأزمات فهناك حقيقة مفادها
“أن الضحك والفكاهة واحدة من أهم إنجازات الإنسان النفسية، بوصفها دفاعات نفسية لمواجهة المخاطر والأزمات المهددة للذات ”
لكن مع ما سبق ليكن هناك موقف من المسئولين موقف بنية خالصة وضمير وطنى صادق لحل تلك الأزمات والنظر —
صان الله مصر والمصريين وحفظ وطننا وشعبنا ولطف بهما من آتون غلاء يلتهم الدخول ويورث البؤس والهم