كتبت: حنان فتح الباب
يعيش أكثر من ثلثي سكان مصر في الصعيد. الوجه القبلي الممتليء بثروات لايستهان بها من آثار وثروات زراعية ومعدنية وغيرها من الموارد كما يوجد به وتحديداً في محافظة أسوان “السد العالي” الذي يمد مصر كلها بالكهرباء.
ولكن بالرغم من ذلك، يحظي الصعيد بنسبة كبيرة من الفقر الذي يتمثل في عدم الحصول علي الخدمات الأساسية وانتشار البطالة وخاصة في القري التابعة لمحافظات الصعيد، هذا بالإضافة إلي أن الصعيد يزخر بمشاكل عديدة مزمنة تعوق أهله من تفاعلهم مع مستجدات العصر أهمها إهدار حقوق المرأة وثقافة توريث الدم “الثأر”، وبالرغم من هذة المعوقات أنجب الصعيد كوادر علمية وأدبية تعد فخراً لجميع المصريين.
وفي محافظة أسيوط عاصمة الصعيد وتحديداً في قرية “العصارة” التابعة لمركز الفتح تجولنا في القرية والتقينا ببعض الأهالي الذين كانت شكواهم من عدم وجود صرف صحي، مما يضطرهم لعمل خزانات لمياة الصرف داخل البيوت، ما يجعلهم عُرضة للأمراض المزمنة.
كما أن مياه الشرب لا تصلح للاستعمال الآدمي وتُسبب بعض الأمراض أبرزها مرض الفشل الكلوي، وعدم وجود مدارس كافية لجميع المراحل ولا يوجد مركز للشباب لممارسة الأنشطة المختلفة.
أما فيما يتعلق بالرعاية الصحية يتمثل في وحدة صغيرة لا تصلح للعلاج أو انقاذ مريض، فعلي الأهالي الذهاب إلي مدينة أسيوط للعلاج ولكن في الأوقات المتأخرة لا تتوافر المواصلات، وبالتاليتصبح القرية في معزل عن المدينة.
لم يختلف الأمر كثيراً في قرية “موشا” مركز أسيوط، وإن كانت تتمتع ببعض التمدن عن القري الأخري فهي أكبر هم مساحة ولكنها تعاني أيضاً من مشكلة الصرف الصحي ونجد هذه المشكلة منتشرة في أغلب قري الصعيد وليست أسيوط فحسب.
ولعل ثقافة الأخذ “بالثأر” وحمل السلاح في الصعيد من أصعب المشاكل التي يعاني منها أهله، لسنوات عديدة، حيث أنها ثقافة موروثة وليست مكتسبة وهناك قري لايتوقف بها اطلاق النار ليلاً أو نهاراً، مما يفقد الأهالي الشعور بالأمان.
أما نصف المجتمع، أقصد المرأة الصعيدية، التي تتميز بالصبر وقوة الاحتمال، فإنها تعاني كثيراً، ولكن الصعيد أخرج لنا مبدعات في مجال السياسة والفن والأدب علي سبيل المثال لا الحصر: هدي شعرواي واستر فهمي ويصا في مجال السياسة، والفنانة ثريا حلمي والقديرة كريمة مختار في مجال الفن والإعلامية المتميزة، أما في عالم الصحافة فنجد عواطف عبد الرحمن ولكن لم يمنع ذلك من إهدار حقوق المرأة في الصعيد، فما زالت تعاني وتدفع ثمن موروث ثقافي خاطئ، يبدأ بجريمة ختان الإناث وحرمناها من التعليم والزواج المبكر، بل في بعض الأحيان يغتصب حقها في الموافقة علي الزواج.
يقول أ.د.عصام زناتي عميد استاذ القانون الدولي ورئيس مركز دراسات وبحوث حقوق الإنسان بجامعة اسيوط إن المرأة في الصعيد مازالت تعاني إهدار مادي ومعنوي وقانوني، وخاصة في القري نتيجة للعادات والتقاليد التي لم تتغير منذ أمد بعيد ولن يتغير ذلك إلا بتغير الثقافة الموروثة عن حقوق المرأة في المجتمع.